لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية

تفسير رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس

بنيامين بنكرتن

قال المسيح الحي: الحق الحق أقول لكم من يؤمن بي فله حياة أبدية

الأصحاح الثالث عشر

1 إِنْ كُنْتُ أَتَكَلَّمُ بِأَلْسِنَةِ النَّاسِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَلكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَقَدْ صِرْتُ نُحَاسًا يَطِنُّ أَوْ صَنْجًا يَرِنُّ. 2 وَإِنْ كَانَتْ لِي نُبُوَّةٌ، وَأَعْلَمُ جَمِيعَ الأَسْرَارِ وَكُلَّ عِلْمٍ، وَإِنْ كَانَ لِي كُلُّ الإِيمَانِ حَتَّى أَنْقُلَ الْجِبَالَ، وَلكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَلَسْتُ شَيْئًا. 3 وَإِنْ أَطْعَمْتُ كُلَّ أَمْوَالِي، وَإِنْ سَلَّمْتُ جَسَدِي حَتَّى أَحْتَرِقَ، وَلكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَلاَ أَنْتَفِعُ شَيْئًا. (عدد 1-3).

المحبة من الله ومَنْ يحب قد وُلد منهُ. فالمحبة هي أول إثمار الولادة الجديدة، ومَنْ لا يحب لم يولد من الله ولا يعرفهُ؛ لأن الله محبة. المحبة هي من الطبيعة الجديدة المخلوقة فينا وقت إيماننا بالمسيح. ويوجد فرق عظيم بين المواهب وبين المحبة، بحيث أن المحبة شيءٌ مغروس فينا وعلى قدر ما تنمو وتعمل تجعلنا نتمثل بالله كأولاد أحياء، وأما ممارسة المواهب فليست هكذا؛ لأن الله إنما يستخدم الإنسان مرةً أو من وقت إلى آخر كإناء قدرتهِ ويمكن أن يكون الإنسان المُستخدم في حالة غير مرضية أو ليس متجددًا بتةً، ولكننا لا نستطيع أن نحب إن لم نتجدد بروح الله. ويتضح أن الرسول يستمرُّ يوبخ الكورنثيين على إهمالهم المحبة وانصبابهم وراء المواهب. ولما كانوا يجدُّوا للتكلم بألسنة على نوع خصوصي فالرسول يُشير إلى ذلك أولاً ويفرض فرضًا بالغًا، أي أنهُ يقدر أن يتكلم بألسنة الناس والملائكة يعني جميع الألسنة التي يمكن لمَنْ لهُ هذه الموهبة أن ينطق بها ومع ذلك ليس لهُ من أثمار الولادة الثانية، فلا يكون سوى آلة معدنية تطنُّ وترنُّ ولا تنفع السامعين أقلّ نفع. ولكن الله لما خلق الإنسان وأعطاهُ قدرة التكلم لم يقصد أنهُ يستعمل صوتهُ كصنج أو بوق، فإذًا مَنْ افتخر بقدرتهِ على ألسنة كثيرة غير مفهومة إنما أظهر غباوتهُ؛ لأنهُ لا يفيد البشر ولا فضل لهُ عند الله. وإن كانت لي نبوة وأعلم جميع الأسرار وكلّ علم. يفرض هنا وجود العلم فيهِ إلى الدرجة القصوى حتى جميع ما يمكن معرفتهُ. راجع (أصحاح5:1؛ 6:2-12؛ 1:4) فلو كانت لهُ موهبة النبوة التي استطاع بها أن يدرك كل ما يمكن إدراكهُ من أمور الله ومن أقوالهِ أيضًا، واستعمل معرفتهُ ليس بالمحبة لبنيان إخوتهِ، بل بالعجرفة والافتخار لما كان شيئًا. كان خيرًا لهُ لو لم يحصل على موهبة كهذه. هذا ليس المحلّ المناسب للبحث في شأن النبوة ولكننا نستطيع أن نلاحظ أنها ليست الأنباء بحوادث مستقبلة؛ لأن الرسول يقرنها هنا بإدراك سرائر الله وفهم أقوالهِ. وأما مَنْ أُستخدم ليخبر بما هو عتيد أن يحدث فليس من الضرورة أنهُ يكون ممتازًا بمعرفة شخصية زائدة. وبالحقيقة الأنبياء القدماء لم يفهموا نبواتهم عن المستقبل انظر (بطرس الأولى 10:1-12). ونرى أن يوحنا الرسول نفسهُ لما استخدمهُ الرب كراءِ في سفر الرؤيا لم يقدر أن يدرك ما أُظهر لهُ. فالنبوة المذكورة كثيرًا في العهد الجديد لا تشير إلاَّ نادرًا إلى سبق أنباء بأمور مستقبلة، وإن كان لي كل الإيمان حتى أنقل الجبال. راجع (أصحاح9:12)؛ لأن المقصد بالإيمان هنا هو الإيمان الخصوصي المقترن بصنع آيات أو بالانتصار على صعوبات عظيمة مثل الجبال. قابل ذلك مع (عبرانيين 32:11-38). فالإيمان هنا هو موهبة خصوصية للبعض بها يستمدُّون قوة من الله لإجراء أعمال عظيمة فوق العادة. لا شك بأن إيماننا الشخصي لخلاص أنفسنا هو أيضًا عطية الله، ولكنهُ معطى لجميع المؤمنين. ثم في (العدد 3) يفرض الرسول بعض أشياء من الأعمال الحسنة ولكنها ليست ضرورة من أثمار المحبة؛ لأنهُ يمكن أن واحدًا يُحمل من الغيرة الشديدة حتى يفرق كل أموالهِ على الفقراء وإذا لزم يقبل الموت ولا ينكر ديانتهُ ومع ذلك لا ينتفع شيئًا لكونهِ عديم المحبة الحقيقية. لا شك بأن الأعمال التي تدلُّ على غيرة شديدة هي ممدوحة عند البشر والمحتمل أن كثيرين يعملونها قدام الناس، لكي ينظروهم (مَتَّى 1:6-4) ولكنها ليست بذاتها برهانًا قاطعًا على وجود محبة في مَنْ يصنعها. لاحظ أن الرسول لا يفرض هنا أنهُ يفعل هذه الأشياء إكرامًا لاسم المسيح. لأن إعطاءنا كأس ماء بارد باسمهِ يبرهن إننا لهُ ولا يُضيّع لنا أجرهُ. وإن كنا نُقدم أجسادنا للحريق لأجلهِ نكون شهداء.   

4 الْمَحَبَّةُ تَتَأَنَّى وَتَرْفُقُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَحْسِدُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَتَفَاخَرُ، وَلاَ تَنْتَفِخُ، 5 وَلاَ تُقَبِّحُ، وَلاَ تَطْلُبُ مَا لِنَفْسِهَا، وَلاَ تَحْتَدُّ، وَلاَ تَظُنُّ السُّؤَ، 6 وَلاَ تَفْرَحُ بِالإِثْمِ بَلْ تَفْرَحُ بِالْحَقِّ، 7 وَتَحْتَمِلُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتُصَدِّقُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتَرْجُو كُلَّ شَيْءٍ، وَتَصْبِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. (عدد 4-7). يدرج هنا أربعة عشرة صفة للمحبة نصفها إيجابي والنصف الآخر سلبي. وأما الصفات الإيجابية فهي من الصفات نفسها التي ظهرت بكمالها في يسوع المسيح الذي كان الله ظاهرًا في الجسد. والسلبية تناقض بعض المزايا الردية التي اتصف بها البشر والتي يمكن أن تظهر في المؤمنين أنفسهم وهم فائزون بالمواهب ومسيئون استعمالها كالكورنثيين. هذا من الأمور العجيبة والمُحزنة، لأننا ما كنا نظنُّ أنهُ يمكن لقديسين، بل لأصحاب مواهب روحية أيضًا أن يفعلوا هكذا ولكن هكذا صار معهم وهكذا يصير معنا أيضًا أوقاتًا كثيرة. ويمكن أيضًا أن نكرز بالمسيح عن حسد وخصام (فيلبي 15:1). الرسول لا ينكر مسيحيتهم مع أنهُ استقبح تصرُّفاتهم. سبق فوبخهم كثيرًا كما رأينا وأما هنا فيدلهم على طريق أفضل. لو كانوا قد سلكوهُ لما وقعوا في تلك الأشياء التي أهانت اسم ربهم وفاديهم.

أكثر الألفاظ والجمل الواردة هنا وصفًا للمحبة إيجابيًّا وسلبيًّا هي مفهومة ولا تحتاج إلى شرح.

المحبة تتأنى وترفق. انظر (أفسس 1:4-32؛ كولوسي 12:3، 13). لا تحسد، تبتدئ هنا بذكر بعض الصفات السلبية. لا تتفاخر ولا تنتفخ جملة واحدة ومفهومة. ولا تقبح، أي لا تتصرف بغير لياقةٍ؛ لأن المحبة المسيحية تحملنا دائمًا أن نُقدم للجميع حقوقهم ونكرم الذين هم أكبر منا في السن أو أعلى منا رتبةً إلى خلاف ذلك من التصرُّفات اللائقة الجميلة. ولا تطلب ما لنفسها. انظر (فيلبي 1:2-11) حيث يذكر الرسول المسيح نفسهُ كقدوتنا في نكران الذات والتواضع وطلب خير الآخرين. ولا تحتدُّ، لا يخفى أن كل مَنْ امتلأ من محبة الذات يحتدُّ حالاً عند حدوث ما يجرح إحساساتهِ أو يناقض مصالحهُ الشخصية، فمن يحتدُّ بسرعةٍ هو قليل المحبة. ولا تظنُّ السؤ، الظنون الردية ممنوعة؛ لأنها من أثمار الجسد الفاسد، وأما المقصد الخصوصي هنا فهو نسبتنا السؤ لغيرنا إذ لا نستخلص نيتهم ونحسبهم ذوي أغراض ردية. فالمحبة تحفظنا من ذلك بتشغيلها إيانا بالأمور الحسنة فترفعنا هكذا فوق الارتياب بالآخرين بسرعةٍ. إن كنا معتادين على إخلاص النية نحب أن نحسب إخوتنا مثلنا. انظر (فيلبي 8:4، 9). ولا تفرح بالإثم، الإثم كل نوع من المعصية، السالك في المحبة يمارس الطاعة لله ويفرح بمشاهدة طاعة الآخرين لهُ أيضًا ومنظر المعصية يغمُّهُ. هذه من الصفات السلبية. بل تفرح بالحق، هذه من الصفات الإيجابية وترجمتها الصحيحة وتفرح مع الحق. إن كانت محبة الله في قلوبنا نحب الحق ونفرح بنجاحهِ وغلبتهِ على الكذب. تحتمل كل شيء، فالمرجح أن هذه الجملة تُشير إلى قول سليمان الحكيم: البغضة تُهيج خصومات والمحبة تستر كل الذنوب (أمثال 11:15). انظر (يعقوب 20:5). والمعنى أن الأخ المحب لا يزيد الأمور المُكدرة، بل يستعمل الوسائط لإزالتها وهكذا يسترها عن نظر الله في سياستهِ. وتُصدق كل شيء، لأنهُ في المسيح يسوع لا الختان ينفع شيئًا ولا الغرلة، بل الإيمان العامل بالمحبة (غلاطية 6:5) فتوجد نسبة متبادلة بين الإيمان والمحبة، ومَنْ اتصف بالمحبة هو داخل دائرة الحقائق المتعلقة بالإيمان ويقبلها كخاصتهِ والغذاء الضروري لنفسهِ. فمعنى كل شيء في هذه الجملة هو كل ما هو حق. وترجو كل شيء. الرجاء هو انتظارنا من إلهنا كل شيء صالح بحسب مواعيدهِ. ونرى أن المحبة والإيمان والرجاء مذكورة معًا في الكتاب المقدس انظر (تيموثاوس الأولى 3:1). ويجوز تأويل هاتين العبارتين الأخيرتين هكذا. للمحبة كل الإيمان وكل الرجاء. ثم قولهُ وتصبر على كل شيء من الصفات الإيجابية ومعناهُ وهي صبورة أو لها كلُّ الصبر.   

8 اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَسْقُطُ أَبَدًا. وَأَمَّا النُّبُوَّاتُ فَسَتُبْطَلُ، وَالأَلْسِنَةُ فَسَتَنْتَهِي، وَالْعِلْمُ فَسَيُبْطَلُ. 9 لأَنَّنَا نَعْلَمُ بَعْضَ الْعِلْمِ وَنَتَنَبَّأُ بَعْضَ التَّنَبُّؤِ. 10 وَلكِنْ مَتَى جَاءَ الْكَامِلُ فَحِينَئِذٍ يُبْطَلُ مَا هُوَ بَعْضٌ. 11 لَمَّا كُنْتُ طِفْلاً كَطِفْل كُنْتُ أَتَكَلَّمُ، وَكَطِفْل كُنْتُ أَفْطَنُ، وَكَطِفْل كُنْتُ أَفْتَكِرُ. وَلكِنْ لَمَّا صِرْتُ رَجُلاً أَبْطَلْتُ مَا لِلطِّفْلِ. (عدد 8-11). جميع المواهب هي لأجل بنياننا ولا نحتاج إلى البنيان إلاَّ في زمان غربتنا على الأرض. وأما المحبة فنمارسها إلى الأبد وهذا معنى قولهِ عنها: أنها لا تسقط أبدًا. النبوات أي التلُّفظات أو التفوُّهات الروحية إنما تفيدنا وقتيًّا والألسنة التي أصلها خطية البشر انظر (تكوين 11). لا يكون لها لزوم في السماء. فستنتهي معنا عند مفارقتنا هذا العالم. والعلم أيضًا الذي نودُّ أن نفتخر بهِ يبطل وفي ذلك نظرٌ؛ لأن الرسول التزم أن يوضح هذا الموضوع قليلاً، لأننا نعلم بعض العلم، أي نعلم علمًا جزئيًا. ونتنبأ بعض التنبؤ، أي تعييرنا عن أفكارنا هو جزئي أيضًا. ولكن مَتَى جاء الكامل. الكامل، أي حالة الكمال وهي حالتنا بعد القيامة فحينئذٍ يبطل كل ما تعلق بحالتنا القاصرة الحاضرة، ويُشير بتشبيههِ المأخوذ من الفرق بين حالة الطفل وحالة الرجل إلى الفرق الكلي بين الحالتين المُشار إليهما آنفًا. ولا يعني مقدار العلم بل كيفيتهُ كما يتضح مما يأتي.   

12 فَإِنَّنَا نَنْظُرُ الآنَ فِي مِرْآةٍ، فِي لُغْزٍ، لكِنْ حِينَئِذٍ وَجْهًا لِوَجْهٍ. الآنَ أَعْرِفُ بَعْضَ الْمَعْرِفَةِ، لكِنْ حِينَئِذٍ سَأَعْرِفُ كَمَا عُرِفْتُ. 13 أَمَّا الآنَ فَيَثْبُتُ: الإِيمَانُ وَالرَّجَاءُ وَالْمَحَبَّةُ، هذِهِ الثَّلاَثَةُ وَلكِنَّ أَعْظَمَهُنَّ الْمَحَبَّةُ. (عدد 12، 13). يجب أن نترجم هذه الجملة، فإننا الآن ننظر في زجاج نظرًا مبهمًا. معلوم أن زجاج القدماء لم يكن نقيًا شفافًا. فالرسول يشير هنا إلى تطلُّعنا من داخل البيت إلى خارج في شباك زجاجهُ غير نقي فلا نقدر أن نبصر الأشباح جليًّا. فتطلُّعنا إلى الأمور الروحية هو كذلك إذ ننظرها الآن بواسطة عقولنا وقلوبنا التي هي كمادة غير نقية تغمض نظرنا كثيرًا. الغموضة فينا لا في كلمة الله، لكن حينئذٍ وجهًا لوجهٍ. لأننا بالإيمان نسلك لا بالعيان (كورنثوس الثانية 7:5). ولكن نعلم أنهُ إذا أُظهر نكون مثلهُ لأننا سنراهُ كما هو (يوحنا الأولى 1:3). والآن أعرف بعض المعرفة، أي معرفة جزئية مكتسبة بالوسائط القاصرة غير النقية كما تقدم. لكن حينئذٍ سأعرف كما عُرِفتُ، الله يعرفنا الآن معرفة تامة من نظرهِ إلينا وإدراكهِ إيانا كما نحن. نحن مكشوفون لديهِ فلا يحتاج إلى بلوغ أخبارنا إليهِ بواسطة من الوسائط، فنستطيع أن نقول: أن المعرفة من هذا النوع تختلف كل الاختلاف عن معرفتنا الحالية. وقولهُ: كما عُرِفتُ، يُشير إلى نوع المعرفة أو كيفيتها لا إلى مقدارها؛ لأنهُ من الأمور الواضحة أننا لا نبلغ أبدًا إلى مقدار معرفة الله. ولكننا سنعرف على كيفية خلاف ما نعرف الآن؛ لأن جميع الأشياء ستظهر لنا بحقيقتها على طريق إلهية. أما الآن فيثبت الإيمان والرجاء والمحبة هذه الثلاثة، أي أنها موجودة الآن. وقولهُ عنها أنها تثبت يقابل ما قالهُ عن المواهب بحيث هذه تكثر او تقلُّ حسب مشيئة الله واحتياجات كنيستهِ وظروفها، ويمكن أن البعض منها ينقطع كالتكلُّم بالألسنة مثلاً، وأما الثلاثة فتثبت ما دام الوقت يدعى الآن، أي مدة إقامتنا على الأرض. ولكن أعظمهنَّ المحبة، لماذا؟ لأن الإيمان ينتهي بالعيان والرجاء يبتلع بتمتُّعنا بما نرجوهُ الآن. فلا نحتاج إليهما بعد حضورنا مع الرب. وأما المحبة فتدوم إلى الأبد، إذ نُحب الله وبعضنا بعضًا إلى أبد الآبدين. فلنسلك في المحبة لأنها هي الطريق الأفضل.

8 7 6 5 4 3 2 1 المُقدمة
16 15 14 13 12 11 10 9

آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص

حقوق النشر مفصلة في صفحة بيت الله الرئيسة