لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية

الكهنوت الطقسي

قال المسيح الحي: الحق الحق أقول لكم من يؤمن بي فله حياة أبدية

الحجج الخاصة بقيادة الكنيسة، والرد عليها

1- [ إن الرياسة الدينية ضرورية لقيادة الكنيسة ؛ وبما أن المسيح بصعوده إلى السماء لم يعد رئيساً منظوراً لها، لذلك فإن من يشغل هذا المركز هو البطريرك، الذي كان يطلق عليه في أول الأمر "الأسقف" ـ فقد قال الرسول عنه إنه وكيل الله (تيطس 1: 7).

الرد: فضلاً عن أن الوحي يعلن بعبارات صريحة أن المسيح وحده هو رأس الكنيسة (كولوسي 1: 18)، وأنه وحده هو الذي يعتني بها طوال وجودها على الأرض، حتى يأتي بها إلى مجده بلا عيب في الابتهاج، كما يتضح من (يهوذا 1: 24)، وأننا كمؤمنين يجب أن نتجه ليس إلى ما يرى بل إلى ما لا يرى (2كورنثوس 4: 18)، أو بالحري إلى من لا يرى، إلى رئيس الإيمان ومكمله يسوع المسيح (عبرانيين12: 2)، الأمر الذي لا يدعو إلى وجود وكيل أو خليفة له على الأرض، نقول:

          (أ) إن المسيح لم يظل ميتاً بعد صلبه مثل الناس الذين يموتون بالصلب أو بغيره، حتى كان يستلزم الأمر وجود خليفة له، بل قام له المجد من الأموات في اليوم الثالث. وهو الآن حي في السماء، وسيبقى كذلك إلى أبد الآباد (رؤيا1: 18)، إذ لا يمكن أن يسود عليه الموت فيما بعد (رومية 6: 9) ـ هذا فضلاً عن أنه له وحده البقاء أو عدم الموت. لذلك فإنه وإن كان لا يوجد بناسوته مع المؤمنين الحقيقيين الذين تتكون منهم كنيسته على الأرض في الوقت الحاضر، غير أنه يوجد معهم بلاهوته. فقد قال "حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي، فهناك أكون وسطهم"
(متى 18: 20) ؛ كما قال لجميع المؤمنين الحقيقيين ممثلين في الرسل "وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر" (متى 28: 20). ووجوده بلاهوته معنا، لا يقل في شيء بالنسبة لنا، عن وجوده معنا بناسوته، إن لم يكن أفضل ؛ إذ بالإضافة إلى أن علاقتنا به، يجب أن تكون علاقة روحية لا جسدية (لأن معظم الذين رأوه بالجسد، لم يؤمنوا به أو يفيدوا منه)، فقد قال لتلاميذه إنه خير لهم أن ينطلق، لأنه إن لم ينطلق لا يأتيهم الروح القدس. أما متى جاء هذا الروح، فإنه بسكناه فيهم يرشدهم إلى جميع الحق. كما يأخذ مما له (أي مما للمسيح) ويخبرهم (يوحنا 16: 14).

          وإذا كان الأمر كذلك، فالقول بوجوب وجود خليفة للمسيح على الأرض ليتولى الرياسة الدينية على المؤمنين، فضلاً عن أنه ليس له أساس في الكتاب المقدس، هو تنكر لوجود المسيح بلاهوته مع المؤمنين في الوقت الحاضر، كما أنه تنكر لحقيقة إمكانية اتصال هؤلاء المؤمنين به عن طريق الروح القدس الساكن فيهم (1 كورنثوس 6: 9).

          (ب) إن البطريرك الذي يقال إنه خليفة المسيح، قد يكون شخصاً مجرداً من المواهب الروحية، بل وقد يكون أيضاً شخصاً شريراً([1]). ومن ثم لا يكون هو نفسه واحداً من الكنيسة الحقيقية (لأن هذه تتكون فقط من المؤمنين الحقيقيين الذي ولدوا من الله[2]، ولهم علاقة حقيقية معه بالروح القدس الساكن فيهم). وشخص ليس واحداً من الكنيسة الحقيقية، لا يمكن أن يكون رئيساً حقيقياً لها ـ إن كان هناك مجال لوجود رئيس من البشر عليها. أما إذا كان هذا الشخص مؤمناً حقيقياً، فإن ضميره يأبى عليه أن يدعى رئيساً للكنيسة أو خليفة للمسيح، إذ فضلاً عن أنه يعرف حقارة شأنه كإنسان في جسد الضعف والخطيئة مثل باقي الناس، لا يمكن أن يسلب الربّ حقوقه، أو يحرم شعبه من الصلة المباشرة به. ولذلك يرى أن الفخر له وكل الفخر في أن يكون عبداً للمسيح، وواحداً مع باقي المؤمنين، بل وخادماً لهم جميعاً، كما كان الرسل يعتبرون أنفسهم قديماً (رومية 1: 1، 2 كورنثوس 4: 5).

          (ج) هذا ويؤسفنا كل الأسف أن يكتفي صاحب هذه الحجة (إن جاز أن تسمى حجة) بكلمتين من آية ويترك ما بقي منها، حتى لا ينكشف ما في حجته من مغالطة. فنصّ الآية التي أشار إليها هو: "لأنه يجب أن يكون الأسقف بلا لوم كوكيل الله" ـ فهو كوكيل الله ليس من ناحية المقام أو المركز، لأن الله لا يعطي مجده لآخر (إشعياء 4: 8)، بل من ناحية السلوك بلا لوم في العالم الحاضر. لكن بعض القائلين إنهم خلفاء للرسل لا يفهمون هذه الحقيقة، إذ يعتقدون أنهم في مركز وكلاء الله من حيث المقام بالنسبة إلى المؤمنين، حتى ذهب نفر منهم إلى أنهم آلهة المسيحيين على الأرض، كما جاء في الدسقولية (ص 65)، ومن ثم يطالبون أتباعهم بالسجود أحياناً أمامهم ! !.

          (د) أخيراً نقول: إذا وضعنا أمامنا (أولاً) أن الرسل لم يدعوا المؤمنين رعيتهم بل رعية الله (1بطرس 5: 2)، والرعية تتبع راعيها وليس شخصاً آخر (يوحنا10: 4) (ثانياً) أنهم طلبوا من المؤمنين أن يلتصقوا بالربّ وحده (1 كورنثوس 6: 17)، كما أعلنوا لهم أنه أسقفهم وراعيهم الذي يجب أن يرجعوا إليه في كل أمورهم (1 بطرس 2: 5). (ثالثاً) أنه لما تحيّز كل فريق من المؤمنين في العصر الرسولي إلى رسول أو مبشر خاص، وبّخهم بولس الرسول بكل شدّة قائلاً لهم "إن كان واحد منكم يقول أنا لبولس، وأنا لأبلوس، وأنا لصفا، وأنا للمسيح، هل انقسم المسيح ؟! ألعلّ بولس صلب لأجلكم ؟!" (1كورنثوس 1: 12)، اتّضح لنا بصفة قاطعة أن الرسل لم يقيموا أنفسهم رؤساء على المؤمنين، أو أقاموا خلفاء لهم ليكونوا رؤساء على هؤلاء المؤمنين.

          2- [ إن الرسل بإقامتهم أساقفة وقسوساً، وضعوا مبدأ الرياسة الدينية، لأنه لم يكن هناك داعٍ لوجود فئتين من رجال الدين، إحداهما أعلى مكانة من الأخرى، إذا لم يكن هناك مثل هذا المبدأ ].

آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص

حقوق النشر مفصلة في صفحة بيت الله الرئيسة

جميع الحقوق محفوظة © 1998-2005 لموقع بيت الله.كوم راجع اتفاقية استخدام الموقع.